عام الفيل
من الحوادث المهمة التي وقعت عام مولده صلى الله عليه وسلم حوالي سنة 570 من الميلاد قدوم أبرهة الأشرم ملك اليمن إلى مكة لهدم الكعبة . والقصة كالتاليك
ملك الأحباش ( قوم من الحبشة) اليمن فلما صار الملك إلى أبرهة بن الصباح الأشرم, بنى كنيسة عظيمة بصنعاء يقال لها القليس. بناها من الرخام والخشب المذهب. والقصد من بناءها أن يجعل العرب يحجون إليها بدل الكعبة.
عرف العرب بذلك وغضب رجل من النساءة ( والنساءة هم قوم ينسئون الشهور على العرب في الجاهلية فيحلون الشهر من الأشهر الحرم ويحرمون مكانه من الأشهر الحلال ويؤخرون ذلك الشهر).
فخرج هذا الرجل حتى أتى كنيسة القليس وتغوط ( أي تبرز) فيها ليلا ثم خرج وذهب إلى أرضه.
فلما عرف أبرهة بذلك غضب وحلف ليسيرن إلى البيت الحرام ( الكعبة) حتى يهدمه ( وسمي هذا العام بعام الفيل). فلما وصل إلى الطائف بعد أن هزم من تعرض له من العرب , بعث رجلا من الحبشة يقال له الأسود بن مقصود إلى مكة فساق أموال أهلها وأصاب فيها مائتي بعير لعبدالمطلب وأحضرها إلى أبرهة.
وأرسل أبرهة حناطة الحميري إلى مكة وقال له : سل عن سيد أهل هذا البلد وشريفهم, فسأل فقيل له عبدالمطلب. فقال له: إن الملك يقول إني لم آت لحربكم إنما جئت لهدم هذا البيت .
فقال له عبدالمطلب: والله ما نريد حربه ولا لنا بذلك طاقة.
هذا بيت الله الحرام وبيت خليلة إبراهيم فإن لم يمنعه منه فهو بيته وحرمه وإن يخل بينه وبينه فوالله ما عندنا دفع عنه.
ثم انطلق عبدالمطلب مع رسول أبرهة إليه فلما استؤذن لعبدالمطلب قالوا لأبرهة:هذا سيد قريش فأذن له فلما رآه أبرهة أجله وأكرمه عن أن يجلسه تحته وكره أن تراه الحبشة معه على سرير ملكه فنزل أبرهه عن سريره فجلس على بساطه وأجلسه معه إلى جنبه, ثم قال له: حاجتك؟
فذكر عبدالمطلب أباعره ( يعني جمع بعير ) التي أخذت له, فقال له أبرهه: قد كنت أعجبتني حين رأيتك ثم زهدت فيك حين كلمتك, أتكلمني عن مائة بعير أصبتها لك وتترك بيتا هو دينك ودين آبائك قد جئت لهدمه لا تكلمني فيه؟
قال له عبدالمطلب: أنا رب الإبل وإن للبيت ربا سيمنعه ( أي يحميه).
فرد أبرهه على عبدالمطلب الإبل فانصرف عبدالمطلب إلى قريش فأخبرهم الخبر وأمرهم بالخروج من كمه والتحرز بالجبال والشعاب تخوفا عليهم شدة وقوة الجيش وقد كانوا أكثر من قريش عددا.
ثم قام عبدالمطلب فأخذ بحلقة باب الكعبة وقام معه نفر من قريش يدعون الله ويستنصرونه على أبرهه وجيشه.
فلما تهيأ أبرهه لدخول مكة وهيأ فيله الأعظم ( محمودا) وهو مجمع على هدم البيت فكانوا كلما وجهوا الفيل إلى مكه برك ولم يبرح, وإذا وجهوه إلى سائر الجهات قام يهرول. وقيل أن عدد الفيلة في هذه الموقعة ثلاثة عشر فيلا.
وبينما هم كذلك أرسل الله عليهم طيرا أبابيل من البحر ( والأبابيل هي الجماعات) أمثال الخطاطيف مع كل طائر ثلاثة أحجار, واحد في منقارة واثنان في رجليه فقذفتهم بها وهي مثل الحمص والعدس لا تصيب أحدا منها إلا هلك. وليس كلها أصابت.
ثم أرسل الله تعالى سيلا فألقاهم في البحر والذي سلم منهم ولى هاربا مع أبرهه إلى اليمن يبتدر الطريق وأصيب أبرهه بتساقط أعضائه وخرجوا به معهم تتساقط أعضاؤه حتى قدموا به صنعاء وهو مثل فرخ الطائر فما مات حتى انصدع صدره عن قلبه.
زلما مات أبرهه , ملك مكانه ابنه يكسوم سنه 571 م.